الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **
مِنْهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ اللَّخْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ اللهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِاسْمِ مَلِكِ الأَمْلاَكِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى مَا الْمُرَادُ بِهِ مَا هُوَ فَوَجَدْنَا الْخَنْعَ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الذُّلُّ وَالْخُضُوعُ, يُقَالُ مِنْهُ خَنَعَ الرَّجُلُ خُنُوعًا إذَا خَضَعَ فَذَلَّ فَكَانَ الْخُضُوعُ وَالذِّلَّةُ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي هَذَا عَلَى ذِي الاِسْمِ لاَ الاِسْمِ نَفْسِهِ; لأَنَّ الاِسْمَ لاَ يَلْحَقُهُ ذَمٌّ وَلاَ مَدْحٌ وَكَانَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا قَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا فَقَصَرَ بِالْخَلْقِ عَنْ ذَلِكَ, وَتَفَرَّدَ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَضَافَ أَسْمَاءَهُ إلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذْ أُتِيَ بِجَفْنَةٍ فَكَفَّ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكُنَّا لاَ نَضَعُ أَيْدِيَنَا حَتَّى يَضَعَ يَدَهُ, فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّهُ يُطْرَدُ حَتَّى يَهْوِي إلَى الْجَفْنَةِ فَأَكَلَ مِنْهَا فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ فَأَجْلَسَهُ ثُمَّ جَاءَتْ جَارِيَةٌ فَأَهْوَتْ بِيَدِهَا تَأْكُلُ فَأَخَذَ بِيَدِهَا فَأَجْلَسَهَا ثُمَّ قَالَ إنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ طَعَامَ الْقَوْمِ إذَا لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ, وَإِنَّهُ لَمَّا رَآكُمْ كَفَفْتُمْ جَاءَ بِالأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ ثُمَّ جَاءَ بِالْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا فَوَاَللَّهِ الَّذِي لاَ إلَهَ غَيْرُهُ إنَّ يَدَهُ فِي يَدِي مَعَ أَيْدِيهِمَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا بِالْحَدِيثِ يَقُولُونَ: إنَّ مَعْمَرًا غَلِطَ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الأَعْمَشِ وَإِنَّ الصَّحِيحَ فِي إسْنَادِهِ هُوَ مَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا إذَا حَضَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الطَّعَامَ لَمْ نَضَعْ أَيْدِيَنَا فِيهِ حَتَّى يَضَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ, وَإِنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ طَعَامًا فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّهُ يُدْفَعُ حَتَّى ذَهَبَ لِيَضْرِبَ يَدَهُ فِي الطَّعَامِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ, ثُمَّ جَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا تُدْفَعُ فَذَهَبَتْ لِتَضْرِبَ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ لاَ يُذْكَرُ عَلَيْهِ اسْمُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ, وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذَا الأَعْرَابِيِّ وَهَذِهِ الْجَارِيَةِ يَسْتَحِلُّ بِهِمَا طَعَامَكُمْ فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّ يَدَهُ مَعَ أَيْدِيهِمَا فِي يَدِي السَّاعَةَ. وَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أُبَيٌّ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ كُنَّا إذَا دُعِينَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى طَعَامٍ كَفَفْنَا أَيْدِينَا حَتَّى يَضَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فَدُعِينَا إلَى طَعَامٍ فَكَفَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فَكَفَفْنَا أَيْدِيَنَا فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّهُ يُطْرَدُ فَأَهْوَى بِيَدِهِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فَأَجْلَسَهُ, ثُمَّ جَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا تُطْرَدُ حَتَّى أَهْوَتْ بِيَدِهَا فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهَا فَأَجْلَسَهَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَعَيَيْنَاهُ أَنْ لاَ يُذْكَرَ اسْمُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ جَاءَ بِهَذَا الأَعْرَابِيِّ كَأَنَّهُ يَعْنِي شَيْطَانَ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ طَعَامَنَا فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَجْلَسْتُهُ, ثُمَّ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا طَعَامَنَا فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا فَأَجْلَسْتُهَا, وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّ يَدَهُ لَفِي يَدِي مَعَ أَيْدِيهِمَا ثُمَّ سَمَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَكَلَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَاحْتَجْنَا إلَى أَنْ نَعْلَمَ مَنْ أَبُو حُذَيْفَةَ هَذَا الْمَرْوِيُّ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثُ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُد بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْت يَا رَسُولَ اللهِ: إنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ بِيَدِهَا أَيْ إنَّهَا قَصِيرَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقَدْ مَزَجْتِيهَا بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا الْبَحْرَ لَمَزَجَتْهُ, قَالَتْ وَحَكَيْت عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً فَقَالَ مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْت رَجُلاً وَإِنَّ لِي كَذَا وَكَذَا.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَوُفِّقْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى جَلاَلَةِ مِقْدَارِهِ وَعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ, ثُمَّ طَلَبْنَا الْقَبِيلَةَ الَّتِي هُوَ مِنْهَا فَوَجَدْنَا الْبُخَارِيَّ قَدْ ذَكَرَهُ فِي تَارِيخِهِ قَالَ وَاسْمُهُ سَلَمَةُ بْنُ صُهَيْبَةَ الأَرْحَبِيُّ وَأَرْحَبُ مِنْ هَمْدَانَ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ طَعَامَ الْقَوْمِ إذَا لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ. لِنَقِفَ عَلَى ذَلِكَ الاِسْتِحْلاَلِ مَا هُوَ, فَوَجَدْنَا الْحَلاَلَ هُوَ الشَّيْءُ الْمُطْلَقُ, وَوَجَدْنَا الْحَرَامَ هُوَ الشَّيْءُ الْمَمْنُوعُ مِنْهُ وَوَجَدْنَا مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مَمْنُوعًا مِنْهُ كَانَ بِذَلِكَ مُطْلِقًا لِنَفْسِهِ مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ, فَكَانَ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ مُسْتَحِلًّا لِإِطْلاَقِهِ لِنَفْسِهِ مَا أَطْلَقَهُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى فَعَلَتْهُ, وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الآيَةِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا النَّسِيءُ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ أَيْ لِيُطْلِقُوا لأَنْفُسِهِمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ, وَمِنْهُ قَوْلُ النَّاسِ اسْتَحَلَّ فُلاَنٌ دَمِي وَاسْتَحَلَّ فُلاَنٌ مَالِي عَلَى مَعْنَى أَطْلَقَ لِنَفْسِهِ دَمِي وَأَطْلَقَ لِنَفْسِهِ مَالِي. ثُمَّ تَأَمَّلْنَا بَعْدَ ذَلِكَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ طَعَامَ الْقَوْمِ إذَا لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ فَوَجَدْنَاهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَمْرُهُ بِالتَّسْمِيَةِ عَلَى الأَشْيَاءِ عِنْدَ وَضْعِهَا لِيَكُونَ ذَلِكَ مَنْعًا لِلشَّيْطَانِ مِنْهَا كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالاَ أَنْبَأَ شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ (ح). وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَدْ أَخْبَرَنَا قَالَ أَخْبَرَنَا أَبِي وَشُعَيْبٌ ثُمَّ اجْتَمَعُوا جَمِيعًا فَقَالُوا عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ وَأَغْلِقُوا الْبَابَ وَأَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَحُلُّ سِقَاءً وَلاَ يَفْتَحُ بَابًا وَلاَ يَكْشِفُ إنَاءً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إنَائِهِ عُودًا فَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ فَلْيَفْعَلْ فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ. وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ أَنْبَأَ أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا جَنَحَ اللَّيْلُ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ حَتَّى تَذْهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ, ثُمَّ خَلُّوا سَبِيلَهُمْ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ, وَأَغْلِقُوا أَبْوَابَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ مُغْلَقًا وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهِ بِعُودٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ جَابِرٍ بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ. وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ قَرَأْت عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَغْلِقُوا الْبَابَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ وَأَكْفِئُوا الإِنَاءَ أَوْ خَمِّرُوا الإِنَاءَ وَأَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ غَلَقًا وَلاَ يَحُلُّ وِكَاءً وَلاَ يَكْشِفُ إنَاءً, وَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تَضْرِمُ عَلَى النَّاسِ بُيُوتَهُمْ أَوْ بَيْتَهُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ التَّسْمِيَةُ عَلَى الطَّعَامِ عِنْدَ وَضْعِهِ مِنْ وَاضِعِهِ أَوْ عِنْدَ تَغْطِيَتِهِ بِمَا يُغَطَّى بِهِ هِيَ التَّسْمِيَةَ الْمَانِعَةَ لِلشَّيْطَانِ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا. فَوَجَدْنَاهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ إنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ طَعَامَ الْقَوْمِ إذَا لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْلِهِمْ إيَّاهُ, فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ تَخْمِيرِهِ أَوْ عِنْدَ إيعَائِهِ إنَّمَا تَحْفَظُهُ مَا كَانَ مُوكًى أَوْ مَا كَانَ مُوعًى حَتَّى يُحَاوِلَ أَهْلُهُ أَكْلَهُ, فَإِذَا حَاوَلُوا ذَلِكَ احْتَاجُوا إلَى تَسْمِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ طَلَبْنَا مَا الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ إذَا ذَهَبَتْ عَنْهُمْ التَّسْمِيَةُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ عِنْدَ مُحَاوَلَتِهِمْ أَكْلَهُ مَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلُوهُ حَتَّى لاَ يَنْتَفِعَ الشَّيْطَانُ بِمَا أَكَلَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَحَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا يَمْنَعُهُ مِنْ بَقِيَّتِهِ, فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ عَنْ بُدَيْلٍ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُلُ طَعَامًا فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ فِي بَيْتِهِ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَا إنَّهُ لَوْ ذَكَرَ اسْمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَكَفَاكُمْ فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَنَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ ذَكَرَ فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ سَمَّى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ أَوَّلِ أَكْلِهِ ثُمَّ وَجَدْنَاهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَكُونُ مِنْ الشَّيْطَانِ عِنْدَ ذَلِكَ. كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ جَنَّادٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ صُبْحٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ صَحِبْته إلَى وَاسِطَ فَكَانَ يُسَمِّي فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ وَفِي آخِرِ لُقْمَةٍ يَقُولُ بِسْمِ اللهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ فَقَالَ: إنَّك تُسَمِّي فِي أَوَّلِ طَعَامِك ثُمَّ تَقُولُ فِي آخِرِ طَعَامِك بِسْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ فَقَالَ: أُخْبِرُكَ؟ إنَّ جَدِّي أُمَيَّةَ بْنَ مَخْشِيٍّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعْته يَقُولُ: إنَّ رَجُلاً كَانَ يَأْكُلُ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ فَلَمْ يُسَمِّ حَتَّى كَانَ آخِرَ لُقْمَةٍ فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَك حَتَّى سَمَّيْت فَمَا بَقِيَ فِي بَطْنِهِ شَيْءٌ إِلاَّ أَلْقَاهُ. وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْبَرَاءُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ صُبْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِيُّ وَذَلِكَ حِينَ مَاتَ الْحَجَّاجُ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ أُمَيَّةَ بْنِ مَخْشِيٍّ وَاصْطَحَبَنَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَكَانَ إذَا وَضَعَ طَعَامَهُ سَمَّى فَأَكَلْنَا حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ لُقْمَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ غَدَائِهِ أَوْ مِنْ عَشَائِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ حَتَّى يَأْكُلَهَا قُلْت: لِمَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ سَمَّيْت فَإِذَا بَقِيَتْ آخِرُ لُقْمَةٍ قُلْت بِسْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ قَالَ أُخْبِرُك سَمِعْت جَدِّي أُمَيَّةَ بْنَ مَخْشِيٍّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَجُلٌ يَأْكُلُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ آخِرِ لُقْمَةٍ سَمَّى فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ تَبَسَّمَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ سَمَّى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا زَالَ يَأْكُلُ مَعَهُ كَأَنَّهُ يَعْنِي الشَّيْطَانَ حَتَّى إذَا سَمَّى مَا بَقِيَ فِي بَطْنِهِ شَيْءٌ إِلاَّ أَلْقَاهُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَحِلُّ بِالشَّيْطَانِ بِقَوْلِ الآكِلِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ سَمَّى فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ عِنْدَ وُقُوفِهِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ بِسْمِ اللهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ سَمِعْت يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: كُلُّ صَلاَةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ هِلاَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ يَقُولُ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَلَّى صَلاَةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالاَ ثنا شُعْبَةُ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو غَسَّانَ عَنْ الْعَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي الْخِدَاجِ مَا هُوَ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ النُّقْصَانَ فِي الْخَلْقِ وَوَجَدْنَاهُ النُّقْصَانَ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ فَيُقَالُ لِمَنْ كَانَ نَاقِصًا فِي خَلْقِهِ أَوْ نَاقِصًا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ بِهِ إنَّهُ خِدَاجٌ, وَيُقَالُ بِذَلِكَ إنَّهُ مُخْدَجٌ وَمِنْهُ قِيلَ لِذِي الثُّدَيَّةِ الْمُخْدَجُ ثُمَّ وَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ سَمَّى صَلاَةً أُخْرَى خِدَاجًا لِمَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي سَمَّى بِهِ هَذِهِ الصَّلاَةَ خِدَاجًا. كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ سَمِعْت ابْنَ سَعِيدٍ يَعْنِي عَبْدَ رَبِّهِ بْنَ سَعِيدٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ أَبِي أَنَسٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْمُطَّلِبِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ الصَّلاَةُ مَثْنَى مَثْنَى وَتَشَهُّدٌ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَبَاؤُسٌ وَتَمَسْكُنٌ وَتُقْنِعُ بِيَدَيْكَ وَتَقُولَ: اللَّهُمَّ اللَّهُمَّ فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهِيَ خِدَاجٌ وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُهُ. وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهِيَ خِدَاجٌ. وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَ سُوَيْد بْنُ نَصْرِ بْنِ سُوَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ عَنْ لَيْثٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ وَتُقْنِعُ بِيَدَيْك يَقُولُ تَرْفَعُهَا إلَى رَبِّك عَزَّ وَجَلَّ مُسْتَقْبِلاً بِبُطُونِهِمَا وَجْهَكَ وَتَقُولُ يَا رَبِّ يَا رَبِّ فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَذَا وَكَذَا يَعْنِي فَهِيَ خِدَاجٌ. وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى وَمَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَيْفٍ التُّجِيبِيِّ قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن صَالِحٍ سَوَاءً.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَلَمَّا وَقَعَ هَذَا الاِخْتِلاَفُ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرْنَا. وَوَجَدْنَاهُ إنَّمَا يَدُورُ عَلَى عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ ثُمَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا عَنْهُ فِيهِ هُمْ شُعْبَةُ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ فَيَقُولُ شُعْبَةُ فِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ أَبِي أَنَسٍ وَيَقُولُ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ فِيهِ مَكَانَ ذَلِكَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ فَكَانَ مَعْلُولاً فِي ذَلِكَ أَنَّهُ كَمَا قَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ فِيهِ لاَ كَمَا قَالَ شُعْبَةُ فِيهِ; لأَنَّ عِمْرَانَ بْنَ أَبِي أَنَسٍ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ قَدْ رُوِيَتْ عَنْهُ أَحَادِيثُ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ; وَلأَنَّ أَنَسَ بْنَ أَبِي أَنَسٍ لاَ يُعْرَفُ لاَ سِيَّمَا وَقَدْ رَدَّ بَعْضُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ ابْنَ أَبِي أَنَسٍ هَذَا إلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ مِصْرَ بِنَسَبِهِ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ, ثُمَّ وَجَدْنَاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مُخْتَلِفِينَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي يُحَدِّثُ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعِ بْنُ الْعَمْيَاءِ فَيَقُولُ شُعْبَةُ: إنَّهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ وَإِنَّ الَّذِي يُحَدِّثُهُ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ هُوَ الْمُطَّلِبُ وَيَقُولُ مَكَانَ ذَلِكَ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ مَكَانَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ وَعَنْ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ مَكَانَ الْمُطَّلِبِ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ. فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَا رَبِيعَةَ بْنَ الْحَارِثِ هُوَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ وَيُكَنَّى أَبَا أَرْوَى وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ رضي الله عنه بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِسَنَتَيْنِ وَلَهُ ابْنٌ قَدْ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ جَاءَ الْعَبَّاسُ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُغْضَبٌ فَقَالَ مَا شَأْنُك يَا عَمَّ رَسُولِ اللهِ فَقَالَ مَالَنَا وَلِقُرَيْشٍ قَالَ مَالَك وَلَهُمْ خَيْرًا قَالَ يَلْقَى بَعْضُنَا بَعْضًا بِوُجُوهٍ مُشْرِقَةٍ فَإِذَا لَقُونَا لَقُونَا بِغَيْرِ ذَلِكَ, قَالَ فَغَضِبَ حَتَّى اسْتَدَرَّ عِرْقٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ, فَلَمَّا أَسْفَرَ عَنْهُ قَالَ وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَدْخُلُ قَلْبَ امْرِئٍ إيمَانٌ حَتَّى يُحِبَّكُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ, ثُمَّ قَالَ مَا بَالُ رِجَالٍ يُؤْذُونِي فِي الْعَبَّاسِ إنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ رَبِيعَةَ هَذَا هُوَ صَاحِبُ حَدِيثِ الصَّدَقَاتِ الَّذِي حَدَّثَنَاهُ ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ قَالَ: اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالاَ لَوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلاَمَيْنِ لِي وَلِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ وَأَصَابَا مَا يُصِيبُ النَّاسُ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ وَاحْتَجْنَا إلَى ذِكْرِ هَذَا مِنْهُ لِنَقِفَ عَلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ مَنْ هُوَ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُهُ بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ ذِكْرُهُ بِالْمُطَّلِبِ فَكَأَنَّهُ كَانَ سُمِّيَ بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, ثُمَّ رُدَّ فِي الإِسْلاَمِ إلَى الْمُطَّلِبِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ لَقِيَ رَبِيعَةَ بْنَ الْحَارِثِ وَكَانَ مَوْهُومًا أَنْ يَكُونَ قَدْ لَقِيَ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ وَكَانَ مُحَالاً أَنْ يَكُونَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ يَرْوِي عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي سِنُّهُ فَوْقَ سِنِّ أَبِيهِ فَكَانَ الصَّحِيحُ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ شُعْبَةُ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا بَعْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ كَمَا قَالَ شُعْبَةُ فِيهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَصْفُ تَيْنِكَ الصَّلاَتَيْنِ أَنَّهُمَا خِدَاجٌ, فَقَالَ قَوْمٌ: إنَّ مَنْ صَلَّى وَلَمْ يَقْرَأْ فِي صَلاَتِهِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ لَمْ تُجْزِهِ وَجَعَلُوا التَّقْصِيرَ الَّذِي دَخَلَهَا حَتَّى عَادَتْ خِدَاجًا يُبْطِلُهَا, وَقَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَجَعَلُوهَا جَازِيَةً مُخْدِجَةً بِتَرْكِ مُصَلِّيهَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فِيهَا, وَذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْخِدَاجَ لاَ يَذْهَبُ بِهِ الشَّيْءُ الَّذِي يُسَمَّى بِهِ, إنَّمَا يَنْقُصُ بِهِ فَالصَّلاَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا لَمَّا وَجَبَ نُقْصَانُهَا لَمْ تَكُنْ مَعْدُومَةً وَلَكِنَّهَا مَوْجُودَةٌ نَاقِصَةٌ, وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ نَقَصَتْ صَلاَتُهُ بِمَعْنًى تَرَكَهُ مِنْهَا يَجِبُ بِهِ فَسَادُهَا قَدْ رَأَيْنَاهُ بِتَرْكِهِ إتْمَامَ رُكُوعِهَا وَإِتْمَامَ سُجُودِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ نَقْصًا مِنْهَا, وَلاَ تَكُونُ بِهِ فَاسِدَةً يَجِبُ إعَادَتُهَا فَلاَ يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ بِتَرْكِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِيهَا نَاقِصَةٌ نُقْصَانًا لاَ يَجِبُ مَعَهُ إعَادَتُهَا. وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ (ح) وَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَمَا حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ قَالُوا جَمِيعًا ثنا إسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ سَافَرْت مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى الشَّامِ فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ كَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَقَالَ اُدْعُ لِي عَلِيًّا فَقَالَتْ أَلاَ نَدْعُو لَك أَبَا بَكْرٍ قَالَ اُدْعُوهُ فَقَالَتْ حَفْصَةُ أَلاَ نَدْعُو لَك عُمَرَ قَالَ اُدْعُوهُ فَقَالَتْ أُمُّ الْفَضْلِ أَلاَ نَدْعُو لَك الْعَبَّاسَ عَمَّك قَالَ اُدْعُوهُ, فَلَمَّا حَضَرُوا رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ لِيُصَلِّ لِلنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَوَجَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَلَمَّا أَحَسَّهُ أَبُو بَكْرٍ سَبَّحُوا فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ فَأَشَارَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَانَك فَاسْتَتَمَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَيْثُ انْتَهَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فَائْتَمَّ أَبُو بَكْرٍ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَائْتَمَّ النَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَتَمَّ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى أَبُو بَكْرٍ إلَيْهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ, فَلَمْ يَخْلُ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ فِي الْقِرَاءَةِ وَقَدْ قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ أَوْ قَدْ قَرَأَ بَعْضَهَا فَلَمْ يَقْرَأْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَلاَ شَيْئًا مِنْهَا, وَكَانَتْ صَلاَتُهُ تِلْكَ قَدْ أَجْزَتْهُ بِذَلِكَ, فَكَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ تَرْكَ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَوْ بَعْضِهَا لاَ تَفْسُدُ بِهِ الصَّلاَةُ, كَمَا يَقُولُ الَّذِينَ يَقُولُونَ ذَلِكَ وَكَانَ تَصْحِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْحَدِيثِ الأَوَّلِ لاَ يَخْتَلِفَانِ أَنَّ قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلاَةِ لاَ يَنْبَغِي تَرْكُهَا, وَأَنَّهَا لاَ يَفْسُدُ تَرْكُهَا كَمَا قَالَ آخَرُونَ حَتَّى يَتَّفِقَ الْحَدِيثَانِ وَلاَ يَخْتَلِفَانِ. ثُمَّ وَجَدْنَا أَهْلَ الْمَقَالَةِ الآُولَى الَّذِينَ يُفْسِدُونَ الصَّلاَةَ بِتَرْكِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ يُسَوُّونَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ جَمِيعًا, وَقَدْ وَجَدْنَاهُمْ جَمِيعًا لاَ يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ دَخَلَ فِي صَلاَةِ الإِمَامِ وَهُوَ رَاكِعٌ فَكَبَّرَ لِدُخُولِهِ فِيهَا, ثُمَّ كَبَّرَ لِرُكُوعِهِ فَرَكَعَ وَلَمْ يَقْرَأْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ لِخَوْفِ فَوْتِ الرَّكْعَةِ إيَّاهُ إنْ قَرَأَهَا أَنْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ, فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَدْ تُجْزِئ الصَّلاَةُ دُونَهَا فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّ مُخَالِفَهُمْ فِي ذَلِكَ يَقُولُ لَهُمْ وَهَلْ تُسْقِطُ الضَّرُورَةُ فَرْضًا, قَدْ وَجَدْنَا هَذَا الدَّاخِلَ فِي هَذِهِ الصَّلاَةِ عِنْدَ هَذِهِ الضَّرُورَةِ لَوْ رَكَعَ, وَلَمْ يَقُمْ قَبْلَهَا قَوْمَةً أَنَّ صَلاَتَهُ لاَ تُجْزِئُهُ, وَأَنَّهُ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ قَوْمَةٍ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَهَا, وَإِنْ قَلَّتْ, فَلَوْ كَانَتْ قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ لَهُ مِنْ قِرَاءَتِهَا, وَكَانَتْ الضَّرُورَةُ غَيْرَ دَافِعَةٍ عَنْهُ فَرْضَهَا كَمَا لَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ فَرْضَ الْقِيَامِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ عَلَى صَلاَةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً. وَحَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ قَائِلٌ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ يُضَادُّ أَحَدُهُمَا الآخَرَ مِنْهُمَا; لأَنَّ فِي أَحَدِهِمَا أَنَّ الَّذِي تَفْضُلُ بِهِ صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ صَلاَةَ الْوَاحِدِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً, وَفِي الآخَرِ أَنَّ الَّذِي تَفْضُلُهَا بِهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ جُزْءًا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ تَعَالَى وَعَوْنِهِ أَنْ لاَ تَضَادَّ فِيهِمَا إذْ كَانَ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْفَضْلِ أَوَّلاً عَلَى صَلاَةِ الْفَذِّ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْهُمَا, ثُمَّ زَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي فَضْلِهَا عَلَى صَلاَةِ الْوَاحِدِ جُزْأَيْنِ آخَرَيْنِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً لاَ تَضَادًّا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ رِشْدِينَ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَنَمَةَ الْمُزَنِيّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّهُ صَلَّى صَلاَةً فَخَفَّفَ فِيهَا, فَقَالَ لَهُ لَقَدْ صَلَّيْت صَلاَةً خَفَّفْت فِيهَا قَالَ: هَلْ رَأَيْتَنِي انْتَقَصْتُ شَيْئًا مِنْ حُدُودِهَا قُلْتُ لاَ قَالَ عَمَّارٌ بَادَرْتُ وَسْوَاسَ الشَّيْطَانِ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إنَّ الْعَبْدَ لَيَنْصَرِفُ مِنْ صَلاَتِهِ, وَمَا كُتِبَ لَهُ مِنْهَا إِلاَّ عُشْرُهَا أَوْ تُسْعُهَا أَوْ ثُمُنُهَا أَوْ سُبُعُهَا أَوْ سُدُسُهَا أَوْ خُمُسُهَا أَوْ رُبُعُهَا أَوْ ثُلُثُهَا أَوْ نِصْفُهَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَرْزُوقٍ الْكَعْبِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ الْعَجْلاَنِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَنَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ كَامِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَجْلاَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْن أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَنَمَةَ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْت عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى صَلاَةً أَخَفَّهَا فَأَتَيْته فَقُلْت لَهُ لَقَدْ أَخَفَفْتَهَا يَا أَبَا الْيَقْظَانِ فَقَالَ: أَرَأَيْتَنِي انْتَقَصْتُ مِنْ حُدُودِهَا شَيْئًا فَقُلْت لاَ فَقَالَ بَادَرْت بِهَا شَهْوَةَ الشَّيْطَانِ أَمَا إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصَّلاَةَ فَمَا يُكْتَبُ لَهُ إِلاَّ عُشْرُهَا، تُسْعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدُسُهَا، خُمُسُهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا. حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي الْيُسْرِ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي الصَّلاَةَ كَامِلَةً, وَمِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي النِّصْفَ وَالثُّلُثَ وَالرُّبُعَ وَالْخُمُسَ حَتَّى بَلَغَ الْعُشْرَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَبُو الْيُسْرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ قَالَ عَمْرٌو, قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلاَلٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ الأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِي الْيُسْرِ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ بَعْدَ تَأَمُّلِنَا إيَّاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ عِنْدَنَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ تَكُونَ الصَّلاَةُ إذَا صَلَّاهَا الرَّجُلُ كَمَا أُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَهَا مِنْ إتْمَامِ قِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَقُعُودِهَا وَالْقِرَاءَةِ فِيهَا وَذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي يُؤْمَرُ بِهِ فِيهَا وَخُشُوعِهِ فِيهَا وَإِقْبَالِهِ عَلَيْهَا وَتَرْكِهِ التَّشَاغُلَ عَنْهَا بِشَيْءٍ سِوَاهَا يَدْعُوهُ إلَى التَّقْصِيرِ عَنْ إكْمَالِهَا يُؤْتِيهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا شَاءَ أَنْ يُؤْتِيَهُ إيَّاهُ عَلَيْهِ بِجَدِّهِ إيَّاهُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فِيهَا, وَإِذَا قَصَّرَ عَمَّا ذَكَرْنَاهُ فِيهَا تَقْصِيرًا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهَا, وَلَكِنَّهُ كَانَ بِهِ مُنْتَقِصًا مِنْهَا مَا قَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَلَّا يَنْتَقِصَهُ مِنْهَا مِنْ الذِّكْرِ, وَمِمَّا سِوَاهُ مِنْ إشْكَالِهِ إيَّاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنْهَا بِمِقْدَارِ مَا كَانَ يُؤْتِيهِ لَوْ كَانَ جَاءَ بِهَا بِكَمَالِهَا عَلَى مَا يُؤْمَرُ بِهِ فِيهَا مِنْ الأَجْرِ الَّذِي يُؤْتِيهِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَلِيلِ أَجْزَائِهِ, وَمِنْ كَثِيرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي ذَلِكَ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالاَ ثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَحَرَّقَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَرَقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ فَأَجَابَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ وَحَرَّقَ فِي نَوَاحِيهَا السَّعِيرُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَقَالَ قَائِلٌ فِي حَدِيثِ يُونُسَ الَّذِي رَوَيْته مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ نُزُولَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَسْتَوْعِبْ السَّبَبَ الَّذِي كَانَ فِيهِ نُزُولُ هَذِهِ الآيَةِ, وَأَنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ نُزُولِهَا مَا كَانَ مِنْ نُزُولِهَا فِيهِ عَلَيْهِمْ أَكْبَرُ الْفَائِدَةِ وَلَمْ نَجِدْهُ إِلاَّ فِي حَدِيثٍ يُرْوَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ عَنْ عَفَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا قَالَ اللِّينَةُ النَّخْلُ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ قَالَ اسْتَنْزَلُوهُمْ مِنْ حُصُونِهِمْ وَأُمِرُوا بِقَطْعِ النَّخْلِ فَحَكَّ فِي صُدُورِهِمْ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ قَطَعْنَا بَعْضًا وَتَرَكْنَا بَعْضًا فَلَنَسْأَلَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ لَنَا فِيمَا قَطَعْنَا مِنْ أَجْرٍ وَمَا عَلَيْنَا فِيمَا تَرَكْنَا مِنْ وِزْرٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيَعْلَمَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ قَطْعِهِمْ لَمَّا قَطَعُوا مِنْ نَخْلِ بَنِي النَّضِيرِ وَتَحْرِيقِهَا مُبَاحٌ لَهُمْ لاَ إثْمَ عَلَيْهِمْ فِيهِ, وَأَنَّ الَّذِي تَرَكُوهُ مِنْهَا فَلَمْ يَقْطَعُوهُ وَلَمْ يُحَرِّقُوهُ مُبَاحٌ لَهُمْ لاَ إثْمَ عَلَيْهِمْ فِيهِ, فَبَانَ بِذَلِكَ مَوْضِعُ الْفَائِدَةِ فِي نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ. وَقَالَ قَائِلٌ آخَرُ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه فِيمَا كَانَ تَقَدَّمَ بِهِ إلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ لَمَّا وَجَّهَهُمْ إلَى الشَّامِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلاَفِ مَا فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه لَمَّا بَعَثَ أُمَرَاءَ الْجُنُودِ نَحْوَ الشَّامِ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَشُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ اُغْزُوَا فِي سَبِيلِ اللهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَاصِرٌ دِينَهُ وَلاَ تَغْلُوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَجْبُنُوا وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَلاَ تُغْرِقُنَّ نَخْلاً وَلاَ تُحَرِّقُنَّهَا وَلاَ تَعْقِرُوا بَهِيمَةً وَلاَ شَجَرَةً تُثْمِرُ وَلاَ تَهْدِمُوا بَيْعَةً قَالَ هَذَا الْقَائِلُ فَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه قَدْ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ وَقَدْ قَرَأَهَا أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ الَّذِينَ تَقَدَّمَ إلَيْهِمْ بِمَا تَقَدَّمَ إلَيْهِمْ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ, وَكَانَ مَا تَقَدَّمَ إلَيْهِمْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ سِوَاهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ قَرَءُوا هَذِهِ الآيَةَ أَيْضًا وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثَيْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ فِيهِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي فِي ذَيْنِك الْحَدِيثَيْنِ مِنْ السَّبَبِ الَّذِي كَانَ فِيهِ نُزُولُ هَذِهِ الآيَةِ كَمَا فِيهِمَا, وَأَنَّ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه هَذَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِذَلِكَ; لأَنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عَوْدِ الشَّامِ إلَى أَيْدِيهِمْ وَمِنْ فَتْحِهِمْ لَهَا وَمِنْ غَلَبَتِهِمْ الرُّومَ عَلَيْهَا بِمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَهُمْ إيَّاهُ مِنْ ذَلِكَ. حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنْبَأَ عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ, وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَتُفْتَحُ الشَّامُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: ثُمَّ تُفْتَحُ الْعِرَاقُ وَزَادَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ سُفْيَانَ بِالْمَوْسِمِ فَأَتَيْته فَسَأَلْته عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ أَشْهَدُ لَسَمِعْت مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَعَادَهُ عَنْهُ كَمَا حَدَّثَنِي. وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشَّيْرَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوَالَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَشَكَوْنَا إلَيْهِ الْفَقْرَ وَالْعُرْيَ وَقِلَّةَ الشَّيْءِ فَقَالَ: أَبْشِرُوا فَوَاَللَّهِ لاََنَا وَكَثْرَةُ الشَّيْءِ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنْ قِلَّتِهِ وَاَللَّهِ لاَ يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِيكُمْ حَتَّى تُفْتَحَ لَكُمْ أَرْضُ فَارِسَ وَالرُّومِ وَأَرْضُ حِمْيَرَ وَحَتَّى تَكُونُوا أَجْنَادًا ثَلاَثَةً جُنْدٌ بِالشَّامِ وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ وَحَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ الْمِائَةَ الدِّينَارَ فَيَسْخَطَهَا قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ يَسْتَطِيعُ الشَّامَ وَبِهَا الرُّومُ ذَوَاتُ الْقُرُونِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَاَللَّهِ لِيَسْتَخْلِفُنَّكُمْ اللَّهُ فِيهَا حَتَّى تَظَلَّ الْعِصَابَةُ مِنْهُمْ الْبِيضُ قُمُصُهُمْ الْمُحَلَّقَةُ أَقْفَاؤُهُمْ قِيَامًا عَلَى الرَّجُلِ الأَسْوَدِ مِنْكُمْ الْمَحْلُوقِ, وَإِنَّ بِهَا الْيَوْمَ رِجَالاً لاََنْتُمْ أَحْقَرُ فِي أَعْيُنِهِمْ مِنْ الْقِرْدَانِ فِي أَعْجَازِ الإِبِلِ قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ خِرْ لِي إنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ أَخْتَارُ لَك الشَّامَ فَإِنَّهَا صَفْوَةُ اللهِ مِنْ بِلاَدِهِ, وَاَللَّهُ يَجْتَبِي صَفْوَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ بِأَهْلِ الإِسْلاَمِ فَعَلَيْكُمْ بِالشَّامِ فَإِنَّ صَفْوَةَ اللهِ مِنْ الأَرْضِ الشَّامُ فَمَنْ أَبَى فَيَسْقِي بِغُدُرِ الْيَمَنَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ فَسَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ فَعَرَفَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَعْتَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي جُزْءِ بْنِ سُهَيْلٍ السُّلَمِيِّ وَكَانَ وَلِيَّ الأَعَاجِمِ وَكَانَ أُوَيْدِمًا قَصِيرًا فَكَانُوا يَمُرُّونَ وَتِلْكَ الأَعَاجِمُ قِيَامٌ لاَ يَأْمُرُهُمْ بِالشَّيْءِ إِلاَّ فَعَلُوهُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ أَمْرُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه أُمَرَاءَ الأَجْنَادِ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ, وَلِ مَا قَدْ حَضَّهُمْ عَلَيْهِ مِنْ الصَّلاَةِ بِإِيلْيَاءَ وَمِنْ شَدِّ الْمَطَايَا إلَيْهَا مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا, وَلِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ وَمُنِعَتْ الشَّامُ مُدَّيْهَا وَدِينَارَهَا أَيْ أَنَّهَا سَتُمْنَعُ مُدَّيْهَا وَدِينَارَهَا الْوَاجِبَيْنِ فِي أَرْضِهَا وَذَلِكَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ افْتِتَاحِهِمْ إيَّاهَا وَغَلَبَتِهِمْ عَلَيْهَا, وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَة بْنِ سَلَمَةَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْت كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ بِحَدِيثِ تَوْبَتِهِ قَالَ فَانْطَلَقْت أَتَأَمَّمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنِّئُونِي بِالتَّوْبَةِ, وَيَقُولُونَ لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْك حَتَّى دَخَلْت الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ حَوْلَهُ النَّاسُ فَقَامَ إلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي وَاَللَّهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ قَالَ فَكَانَ كَعْبٌ لاَ يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الأَخْضَرِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ وَكَانَ قَائِدَ أَبِيهِ حِينَ عَمِيَ قَالَ سَأَلْت كَعْبًا عَنْ حَدِيثِهِ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ الأَوْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ كَعْبٍ قَالَ أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَتْ تَوْبَتِي فَتَلَقَّانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ. وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَمَّا طَلَعَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِهِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ أَوْ إلَى خَيْرِكُمْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ التَّمَّارُ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بَعْد أَنْ حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِمَا حَكَمَ بِهِ فِيهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ. حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْمَدِينِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ قُمْنَا. حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلاَلٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كُنَّا نَقْعُدُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْغَدَوَاتِ فَإِذَا قَامَ إلَى بَيْتِهِ لَمْ نَزَلْ قِيَامًا حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتَهُ فَقَالَ قَائِلٌ كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ, وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يُخَالِفُهَا فَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ سَمِعْت مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَجِمَّ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْمُغِيرَةُ هَذَا هُوَ الْقَسْمَلِيُّ وَيُقَالُ لَهُ السَّرَّاجُ وَهُوَ أَحَدُ الأَثْبَاتِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ هُوَ أَخُوهُ وَالْمُغِيرَةُ فَوْقَهُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَنَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلأَحَادِيثِ الآُوَلِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ; لأَنَّ الأَحَادِيثَ الآُوَلَ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ فِيهَا إطْلاَقُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِيَامَ الرِّجَالِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ بِاخْتِيَارِ الْقَائِمِينَ لِذَلِكَ لاَ بِذِكْرِ مَحَبَّةِ الَّذِينَ قَامُوا لَهُمْ إيَّاهُ مِنْهُمْ, وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْته الْمَحَبَّةُ مِنْ الَّذِي يُقَامُ لَهُ لِذَلِكَ مِمَّنْ يَقُومُهُ لَهُ, فَتَصْحِيحُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ أَنْ تَكُونَ الأَحَادِيثُ الآُوَلُ عَلَى مَا لاَ مَحَبَّةَ فِيهِ لِمَنْ يُقَامُ لَهُ, وَهَذَا الْحَدِيثُ عَلَى الْمَحَبَّةِ لِمَنْ يُقَامُ لَهُ بِذَلِكَ الْقِيَامِ فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ كُلَّ جِنْسٍ مِنْ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ مُحْتَمِلٌ لِمَا حَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَا فَلَمْ يَبِنْ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ تَضَادٌّ لِجِنْسٍ مِنْ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ لِلْجِنْسِ الآخَرِ مِنْهُمَا. وحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ هِلاَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانُوا إذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لَهُ لِمَا يَعْلَمُوا مِنْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ دَلَّ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا كَانُوا يَتْرُكُونَ الْقِيَامَ لَهُ صلى الله عليه وسلم لِعِلْمِهِمْ بِكَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ مِنْهُمْ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَوْلاَ كَرَاهَتُهُ لِذَلِكَ مِنْهُمْ لَقَامُوا لَهُ وَقَدْ تَكُونُ كَرَاهَتُهُ لِذَلِكَ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ التَّوَاضُعِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ; لاَ لأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ لَهُ, وَكَيْفَ يُظَنُّ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ وَقَدْ أَمَرَهُمْ بِالْقِيَامِ إلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَقَامَ بِمَحْضَرِهِ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ إلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عِنْدَ نُزُولِ تَوْبَتِهِ مُهَنِّئًا لَهُ بِذَلِكَ فَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ. وحَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ دَخَلَ مُعَاوِيَةُ بَيْتًا فِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرٍ فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ وَثَبَتَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَكَانَ أَوْزَنَهُمَا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ اجْلِسْ يَا ابْنَ عَامِرٍ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ. فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْمَكْرُوهَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْمَحَبَّةُ مِنْ بَعْضِ الرِّجَالِ لِذَلِكَ مِنْ بَعْضٍ, وَقَدْ تَكُونُ تِلْكَ الْمَحَبَّةُ مِنْ الْقِيَامِ إلَيْهِمْ, وَقَدْ تَكُونُ بِلاَ قِيَامٍ إلَيْهِمْ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هِيَ لِلْمَحَبَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا لِلْقِيَامِ الَّذِي لاَ مَحَبَّةَ مَعَهُ, وَقَدْ كَانَ بَعْضُ مَنْ يَنْتَحِلُ اللُّغَةَ يَزْعُمُ أَنَّ حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ بُرَيْدَةَ إنَّمَا هُوَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَخِمَّ لَهُ الرِّجَالَ قِيَامًا, وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْقِيَامِ الَّذِي تَفْعَلُهُ الأَعَاجِمُ بِعُظَمَائِهِمْ مِنْ قِيَامِهِمْ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَمِنْ إطَالَتِهِمْ لِذَلِكَ حَتَّى يَسْتَخِمُوا مَعَهُ أَيْ حَتَّى تَتَغَيَّرَ لَهُ رَوَائِحُهُمْ لِإِطَالَتِهِمْ لِذَلِكَ الْقِيَامِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهَذَا عِنْدَنَا مُسْتَحِيلٌ; لأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ فِي ذَلِكَ إنَّمَا دَارَ عَلَى مُعَاوِيَةَ لاَ مَخْرَجَ لَهُ سِوَاهُ وَقَدْ كَانَ فِيهِ مَا خَاطَبَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرٍ مَا كَانَ بِغَيْرِ إطَالَةٍ مِنْ ابْنِ عَامِرٍ لَهُ فِي ذَلِكَ قِيَامًا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى انْتِفَاءِ هَذَا التَّأْوِيلِ, وَفِي انْتِفَائِهِ ثُبُوتُ التَّأْوِيلِ الأَوَّلِ. حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي قَيْسٍ عَنْ الْهُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَلاَمَةُ بْنُ رَوْحٍ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ صَفِيَّةَ ابْنَةَ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ وَصْلِ الْمَرْأَةِ رَأْسَهَا بِالشَّعْرِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَى نِسَاءِ الْمُهَاجِرَات وَالأَنْصَارِ مَا كَانَ أَشَدَّ تَفَقُّهَهُنَّ فِي دِينِهِنَّ وَأَحْرَصَهُنَّ عَلَى آخِرَتِهِنَّ, لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ. حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ, حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ زَجَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ بِرَأْسِهَا شَيْئًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ثُمَّ وَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ جَمِيعًا بَعْدَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُبِيحُونَ صِلَةَ الشَّعْرِ بِغَيْرِ الشَّعْرِ مِنْ الصُّوفِ, وَمِمَّا أَشْبَهَهُ وَيَرْوُونَ فِي ذَلِكَ عَنْ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ الْجُعْفِيُّ عَنْ شُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لاَ بَأْسَ أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ شَعْرَهَا بِالصُّوفِ وَمَا حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ كَامِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ بُكَيْر عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ عَرُوسٌ, وَمَعَهَا مَاشِطَتُهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَشَعْرُهَا هَذَا؟ فَقَالَتْ الْمَاشِطَةُ شَعْرُهَا وَغَيْرُهُ وَصَلْته بِصُوفٍ قَالَتْ أُمُّ بُكَيْر: فَلَمْ أَسْمَعْهَا تُنْكِرْ ذَلِكَ قَالَ بُكَيْر وَإِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يُوصَلَ بِالشَّعْرِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَعَائِشَةُ أَحَدُ مَنْ رَوَيْنَا عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ فَلَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ مَا قَدْ عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُرِدْهُ بِلَعْنِهِ ذَلِكَ, أَوْ أَنَّهُ أَرَادَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْعِلْمِ الْمَأْمُونُونَ عَلَى نَقْلِهِ يُخْرِجُونَ مِنْ حَدِيثٍ قَدْ رَوَوْهُ مُحْتَمِلاً عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا يُوجِبُ ظَاهِرُهُ دُخُولَهُ فِيهِ إِلاَّ بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِخُرُوجِهِ مِنْهُ, وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَسَقَطَ عَدْلُهُمْ وَكَانَ فِي سُقُوطِ عَدْلِهِمْ سُقُوطُ رِوَايَتِهِمْ وَحَاشَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ, وَاَللَّهَ نَسْتَوْفِقُ وَنَسْأَلُهُ السَّدَادَ. حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَحْرِ بْنِ مَطَرٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ أَنْبَأَ سَعِيدٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَصْحَابِهِ إذْ قَالَ لَهُمْ هَلْ تَسْمَعُونَ مَا أَسْمَعُ قَالُوا: مَا نَسْمَعُ مِنْ شَيْءٍ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنِّي لأََسْمَعُ أَطِيطَ السَّمَاءِ وَمَا تُلاَمُ أَنْ تَئِطَّ وَمَا فِيهَا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلاَّ وَعَلَيْهِ مَلَكٌ إمَّا سَاجِدٌ وَإِمَّا قَائِمٌ. حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ السَّمَاءَ أَطَّتْ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلاَّ وَفِيهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ, وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَخَرَجْتُمْ إلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إلَى اللهِ فَقَالَ قَائِلٌ وَهَلْ تَعْقِلُونَ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ قَدَمٍ أَوْ فِي مَوْضِعِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ رَاكِعٌ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا الْكَلاَمَ كَلاَمٌ عَرَبِيٌّ يَفْهَمُهُ الْمُخَاطَبُونَ, وَيَقِفُونَ عَلَى مَا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهِ وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ أَنْ يُقَالَ فُلاَنٌ جَالِسٌ عَلَى كَذَا لِمَا نَقَصَ عَنْهُ وَفُلاَنٌ جَالِسٌ عَلَى كَذَا لِمَا يَفْضُلُ عَنْهُ, وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كَلاَمِ النَّاسِ يَقُولُونَ فُلاَنٌ جَالِسٌ عَلَى الْحَصِيرِ, وَهِيَ مُقَصِّرَةٌ عَنْهُ وَجُلُوسُهُ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَيْهَا وَعَلَى غَيْرِهَا مِنْ الأَرْضِ وَمِمَّا سِوَاهَا, وَيَقُولُونَ فُلاَنٌ جَالِسٌ عَلَى الْحَصِيرِ الْفَاضِلَةِ عَنْهُ وَكَانَتْ حَقِيقَةُ ذَلِكَ أَنَّ جُلُوسَهُ عَلَى بَعْضِهَا لاَ عَلَى كُلِّهَا, وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مِثْلُهُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَا مِنْهَا مَوْضِعُ قَدَمٍ أَوْ مَا مِنْهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلاَّ وَعَلَيْهَا مَلَكٌ إمَّا سَاجِدٌ وَإِمَّا رَاكِعٌ عَلَى مَعْنًى إِلاَّ وَفِيهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ إِلاَّ وَعَلَيْهِ مَلَكٌ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ عَلَى أَنَّ كَوْنَهُ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ كَوْنٌ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ كَمَا كَانَ الْجُلُوسُ عَلَى الْحَصِيرِ الْمُقَصِّرَةِ عَلَى الْجَالِسِ عَلَيْهَا جُلُوسًا عَلَيْهَا وَعَلَى مَا سِوَاهَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
|